النظم السياسية لدول العالم مرتبطة ارتباطا وثيقا بحقوق الإنسان, فمتى كان النظام السياسي لأية دولة من دول العالم ديمقراطيا على الوجه الصحيح للديمقراطية, كانت حقوق الأفراد والجماعات فيها محترمة, ومطبقة تطبيقا سليما وغير منتهكة. ومتى كانت حقوق الإنسان فيها ثابتة ومستقرة ومحترمة ومتى كان النظام السياسي فيها ديمقراطيا.
فالديمقراطية وحقوق الإنسان وجهان لعملة واحدة, فلا تقام ديمقراطية بدون احترام حقوق الإنسان ولا توجد حقوق إنسان دون ديمقراطية. فحقوق الإنسان بموجب هذا المفهوم مرتبطة بمدى مشاركة الفرد في السلطة, أي مشاركته في صنع القرار في بلده, فمتى كانت المشاركة في السلطة مباشرة كان الفرد أقرب إلى حقوقه وألصق بها, لأنه يشارك في تحديدها, وتكييفها وتحقيقها بنفسه, متى كانت المشاركة في السلطة غي مباشرة أي يمارسها عن طريق الأحزاب, أو التمثيل النيابي, أو لا يباشرها مطلقا كأن الفرد في ظل حكم فردي يكون بعيدا عن حقوقه ولا تلبى جلها, بل غالبا ما تنتهك, ولا يستطيع الفرد سوى الاستنكار والاحتجاج, والتظاهر, وكلاهما لا يجديان نفعا , وإن وجدت بعض الحقوق للأفراد في هذه الأنظمة غير الديمقراطية, فهي منحة, أو عطية من صاحب السلطة مع إنها من الحقوق الطبيعية للفرد.
إن النظام السياسي أذا لم يكن ديمقراطيا وعادلا, فأنه يشكل أكبر عائق لتحقيق حقوق الإنسان في أية دولة من الدول على مستوى الأفراد, والدولة ذاتها, لأن وضع الدولة السياسي, والاقتصادي في المحيط الدولي له اثر مباشر في تكييف حقوق أفرادها السياسة, والاقتصادية, والاجتماعية, والثقافية,فإن كانت مثلا خيارات التطور والتقدم أمام أي دولة من الدول محدودة ومقيدة بنظام عالمي خاضع سياسيا واقتصاديا لنخبة من الدول الصناعية, أو النووية, فلابد أن تكون خيارات الفرد السياسية والاقتصادية, محدودة ومقيدة تبعا لذلك, وربما أكثر تحديدا أو تقييدا,بالحقوق السياسية, والمدنية داخل الدولة الصغيرة لابد أن تكون متأثرة إجباريا بالنظام السياسي العالمي .
أذا أردنا وضع مبادئ حقوق الإنسان موضع التطبيق الفعلي, والحقيقي محليا, ودوليا لابد من الربط بين حقوق الإنسان ودمقرطة النظم السياسية والاقتصادية على المستويين المحلي والعالمي, ولابد من الربط بين حقوق الإنسان والتنمية, ونزع الأسلحة, والحفاظ على بيئة نظيفة, ولابد من الربط بين حقوق الإنسان والنظام الدولي ,وأنظمة اجتماعية قائمة على العدل والمساواة بما يجعل تحقيق هذه الحقوق ممكنا, ومن ذلك حق الإنسان في ممارسة السلطة بنفسه دون وصاية, أو نيابة أو تمثيل من أحد, وحقه في امتلاك ثروة بلده وامتلاك سلاحه الذي يدافع فيه عن بلده,وحق الإنسان في تنمية محلية, ودولية واقتصادية واجتماعية ثقافية متوازنة, وحقه في نظام دولي خال من التمييز بين الدول في حقوق السيادة , خال من الإرهاب برعب أسلحة الدمار الشامل بجميع أنواعه النووي والجرثومي, أو التهديد بالدمار البيئي ,أو إرهاب الجريمة المنظمة ,أو إرهاب المنظمات المتطرفة .